(تحالف ندى)
أعلنت مؤسّسة “حياة الحويّك للدراسات الثقافية”، تقديم جائزة الدكتورة حياة الحويّك السنوية الأولى للبحث الثقافي، وقد خصّصت هذه الجائزة في الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الحويّك، تكريمًا لذكراها ومساهماتها، وتقديرًا للأبحاث الثقافية المتميزة التي لها تأثير كبير في مجالها. وقد سلّم الدكتور محمد المعوش الجائزة عن بحثه الرائد بعنوان “الحدود الفلسفية لهيمنة ثقافة الاستهلاك والفردانية: التحديات والبديل الحضاري” خلال حفل أقيم في المكتبة الوطنية في بيروت. وتخلّل الحفل كلمات لكل من عضو مجلس الأمناء الدكتور حسن حمادة، المدير العام للمؤسّسة زينون عطية ورئيسة لجنة التحكيم البروفسورة لبنى طربيه. وقدّم الباحث الفائز بقرار لجنة التحكيم بالإجماع ملخصًا عن البحث، كما حضر الحفل نخبة من أعضاء المجتمع الأكاديمي ومنهم ممثلو المؤسّسة وأعضاء اللجنة العلمية وضيوف.
عطية
في كلمته الافتتاحية، قال المدير العام للمؤسّسة: “نجتمع اليوم في ذكرى رحيل حياة الحويّك، وفي المبنى الذي انضمت فيه من على مقاعد الدراسة في كلية الحقوق إلى مشروع نهضوي ناضلت لتقدم فيه بزخم نوعي، في الفكر والثقافة والتربية والإعلام والعلم والسياسة، على مدى اثنين وخمسين عامًا كان آخرها في مثل هذا اليوم، ذكرى رحيلها في الثاني عشر من تموز من العام 2021، وبينما كانت تنعي آخر أعمالها البحثية المرجعية، وتحضر لمؤسّسة مختصة بالدراسات الثقافية”.
وأضاف: “قبل حلول الذكرى الأولى للرحيل انطلقت هذه المؤسسة، لتحمل اسم الراحلة، وتكمل هذا المشروع العلمي الثقافي، الذي أسّست له الحويك بكسر أحادية التدفّق في علوم الاتصال الإنساني ذات المركزية الغربية، ضمن استراتيجية تسعى إلى تشكيل نواة فكرية منتجة، تُبنى على الخيار الفردي الواعي والحر، لتسهم في إعادة تشكيل الفضاء العام لمجتمعنا الغني بنسيجه، بعيدًا عن التفتيت المعطل لنهضته”.
وشرح رؤية المؤسّسة التي تسعى “من خلال جائزة حياة الحويك للأبحاث الثقافية، كما البرامج والنشاطات الأخرى، إلى رفد المكتبة العربية بأبحاث معمَّقة مفقودة أو شحيحة في المشرق والفضاء العربي عامّة، وبخاصة في الدراسات الثقافية البين-تخصصاتية، بالإضافة إلى المساهمة في تحفيز الباحثين الناشئين على البحث العلمي”.
طربيه
وسلطت طربيه الضوء على عملية التقييم الدقيقة التي أدّت إلى اختيار البحث الفائز، وتطرّقت إلى مسار تقييم الأبحاث المقدّمة إلى جائزة حياة الحويك، مستندين إلى مجموعة مضبوطة من الخطوات العلمية الصارمة، بحيث اعتمدت على معايير متعدّدة متمثّلة بالموضوعية في مقاربة موضوع البحث، والتحقّق من المعلومات والمعطيات، والحيادية والأخلاقية العلمية، والتحقّق المنهجي، والمصداقية والدقّة في العرض، وقابلية التعميم، والاستفادة المجتمعية. ثمّ شرحت الخطوات التي اعتمدت خلال مسار الجائزة، بدءًا بإعلان عن قبول مشاريع أو مخططات بحثيّة، بالانتقال إلى استلامها وتقييمها من قبل اللجنة العلمية المؤلفة من الدكتور موفق محادين والدكتور سيف دعنا والدكتورة لبنى طربيه، وتمخّضت حلقات النقاش والتداول ضمن مراحل وخطوات متعدّدة منحت الباحثين المختارين فرصة لإجراء تعديلات على الأبحاث. وتم اتخاذ قرار الفائز بالجائزة بالإجماع.
وختمت: “صحيح أنّ مسار التقييم كان طويلاً، وربما متعبا بعض الشيء بالنسبة للباحثين، إلا أننا أصرارنا على ذلك كان مستندًا الى المعايير الدقيقة التي وضعتها المؤسسة والتزمت بها، وأيضا تماشيًا مع روحية العمل العلمي التي كانت ملتزمة بها الدكتورة حياة الحويك والتي شكلت مقارباتها العلمية ومهنيتها المرجع الذي نعتمده في عملنا في المؤسسة”، معلنة أنّ “المؤسّسة تحضّر لإطلاق الدورة الثانية من برنامج تدريب الباحثين الناشئين، والذي سيقام في دورته الثانية في لبنان، بالتعاون مع معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية. والتي نأمل أن ينتج عنها باحثون متمكنون، وأبحاث علمية قيّمة”.
المعوش
وأعرب الحائز على الجائزة عن امتنانه لهذا الاختيار، وتحدّث عن أهمية البحث، مقدّمًا ملخّصًا عن عمله: فقال. “في العقدين الأخيرين، وتحديداً بعد الأزمة المالية في العام 2008، تشكّل إجماع عالميّ، وباعتراف العالم الغربي نفسه بغض النظر عن لغة ومصطلحات هذا الاعتراف، على وجود أزمة في النظام الرأسمالي في صيغته الامبريالية، وخصوصاً بعد تبلور اتجاه عالميّ لتحدّي ومواجهة آليات عمل هذا النظام وأدوات حفاظه على هيمنته، وتحديداً المستوى الاقتصادي-النقدي والعسكري، حيث تشكّل، ولا زال، توازن قوى دولي يعمل بالضدّ من آليات الهيمنة والإلحاق والنهب من قبل المركز الغربي، ونخبته المالية”.
ورأى انّ “المنطق الداخلي وعقل النظام العالمي المهيمن يدفع باتجاه ثنائية متطرفة من الانقسام ذات-موضوع تجد مصدرها الفلسفي اللاعقلاني في المثالية الصلفة (نكران وجود الواقع) والمادية الصلفة (نكران وجود الذات-العقل)، عبر دفع الوجود الإنساني إلى مستوى الوجود الرث لناحية تدمير كل أشكال الانتظام والعقلانية والموقف التقدمي-الابداعي من العالم، والعمل على تعميم العدمية تجاه الحاضر والمستقبل .. مما يعني الانحدار بالإنسان إلى مستوى التشيؤء المحقّق، إلى مستوى الوجود الحيواني”.
إشارة إلى أنّ مؤسّسة حياة الحويّك للدراسات الثقافية تأسّست تخليدًا لذكرى الراحلة الدكتورة حياة الحويّك، وهي الكاتبة والباحثة في جيوبوليتيك الاتصال الجماهيري، والمنظرة في تشكيل الفضاء العام.، وغايتها إنتاج الأبحاث والدراسات الثقافية وفي علوم التواصل الجماهيري، والأعمال الثقافية الأدبية والفنية، وتمكين الشباب من الأدوات البحثية والإبداعية، إضافة إلى بناء شبكة منتجة من باحثين وأدباء وفنانين بالتعاون والشراكة مع ذوي الخبرة والجهات الـمعنية، وعقد النشاطات والورش البنائية والإنتاجية ونشر الإصدارات البحثية والثقافية، كما توفير الفرص للباحثين والـمبدعين من خلال تحكيم البحوث وعبر الشراكات، والسعي الى تعزيز دور الدراسات الثقافية في التعليم والتعلّـم الـمستمر.