عام على تأسيس التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بيان إلى الرأي العام

 

في الوقت الذي يغرق المجتمع الدولي في مزيد من الحروب والصراعات الدامية، التي خلفت مزيداً من الهلاك والدمار، وانتهجت العنف لحل أزمات عالقة لبسط نفوذ دول على دول أخرى ومحو دول أخرى، صراع اشتعلت شرارته في بدايات القرن الواحد والعشرين من شرقنا الأوسط في ثورات سميت بـ”ثورات الربيع العربي”، لكنها عصفت شتاء قاسياً على سوريا واليمن وليبيا، ولاتزال السودان والعراق وغيرها من الدول تعاني من انعدام الأمن والاستقرار…حيث أفرزت الحروب والنزاعات عشرات الملايين من النازحين والمهجرين قسراً وطوعا في أرجاء المعمورة، لتتوسع رقعة الصراع وتشتعل شرارتها في الشرق الأدنى. فباشتعال الحرب الروسية الأوكرانية الاستنزافية، دخلت الأزمة مرحلة جديدة من منافسة الأقطاب للاستحواذ على مصادر الطاقة وفرض السيطرة على أسواق التصريف للتحكم بالاقتصاد العالمي وإعادة هيكلة هذه الأقطاب وتوزع الدول عليها.

وبالتزامن مع الحروب المباشرة، كانت دائرة الحرب الخاصة تتوسع وتتنوع وسائلها وأساليبها بين نشر الفكر الإسلامي الراديكالي المتطرف المتمثل بالقاعدة وجبهة النصرة ودولة الخلافة داعش في سوريا وحركة طالبان في أفغانستان وحركة الإخوان المسلمين في شمال أفريقيا، وبالمقابل، ولخلق توازن في الصراع الطائفي، تم دعم وتقوية الحشد الشعبي والتيارات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن، إضافة إلى تفشي كل ما تفرزه الحروب والأزمات من نشر للمخدرات والإتجاربالبشر ومن دعارة وفقر وعوز وفاقة وهلاك ودمار، كان تأثيرها مدمراً لهذه المجتمعات، وكان للمرأة فيها النصيب الأكبر من الألم والعذاب.

إلا إنه، ومن رحم الفوضى ومن قلب المعاناة، انبثقت حركات تحررية نسائية استطاعت نقل النساء من الدرك الأسفل وإعادتهن إلى دروب مسيرة نضال تحرر المرأة، واستطعن أن يتقدمن خطوات إلى الأمام ويضفن قيماً جديدةً إلى الموروث التحرري التاريخي لكل النساء.إذ تم تشكيل وحدات حماية المرأة في شمال شرق سوريا،فحملت النساء السلاح لحماية أنفسهن ومجتمعاتهن، وكان لهن دور فعال في دحر تنظيم داعشالإرهابيوتحرير آلاف الإيزيديات اللواتي تم سبيهن وبيعهن على يد هذا التنظيم المتطرف، وكما تم تفعيل دور النساء في عشرات التنظيمات النسوية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليقمن بتمكين النساء والنهوض بهن للوصول إلى الوضع الاجتماعي اللائق بالنساء ضمن مجتمعاتهن.

إن نضال المرأة ومقاومتها وسعيها في سبيل تضمين حقوقها واستعادة حرياتها في ظل هذه الظروف،إنما يواجه المزيد من العنف والرفض والضغط من قبل مجتمعات هيمَنَت عليها المؤسسة الأبوية والفكر الذكوري الاستبدادي الرافض للتخلي عن مكتسبات تاريخية حصل عليها على مر آلاف السنوات، فسلبها وامتلكها وعَدّها من حقوقه. ومن هنا كان المزيد من العنف على النساء. فالدولة التركية تقوم بانتهاكات سافرة لكل العهود والمواثيق الدولية، وتنتهك سيادة دولالجوار بالقصف والاحتلال على المناطق الآمنة والآهلة بالناس العزّل، وتستهدف النساء السياسيات والعسكريات والإداريات في شمال شرق سوريا بشكل ممنهج  ومدروس، لبث الرعب في نفوس كل النساء، ولإجبارهن على التخلي عن حلمهن في الحرية وتضمين حقوقهن.

وبجانب الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي على المرأة الفلسطينية بشكل يومي، وحركة طالبان التي تنتزع كل يوم جزءا من روح المرأة وكيانها عبر قرارات ظالمة هدفها الأساسي تحجيم المرأة وخنقها وإلغاء أي دور اجتماعي لها، وكذلك السلطات الإقليمية التي تضغط على النساء بصورة خاصة وممنهجة مثلما الحال في المغرب والصحراء الغربية وإيران وتركيا.

فالمرأة هي القوة الفاعلة للتغيير. فكما هي التي تحافظ على أصالة المجتمعات وخصوصياتها،فإنها هي نفسها القادرة على إحداث التغيير وزرع أسس الديمقراطية،وبالتالي فإنها تبث الرعب في نفوس القوى الرجعية والاستبدادية.

في هذا اليوم، تحتفل نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالذكرى السنوية الأولى لتأسيس تحالف “ندى” (التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا). هذا التحالف الذي أثبتت النساء فيه أن قضية المرأة قضية واحدة، فجاء رسالةً على قدرة النساء في تجاوز كل الاختلافات العرقية والسياسية والمذهبية والانتماءات السياسية والقومية، وعلى كفاءتها في مد جسور التواصل واختصار المسافات وتقليصها بين مجتمعات تتشابه فيها ظروف معاناة المراة في ظل هيمنة الذهنية الذكورية.

إننا في “تحالف ندى” الذي يجمع نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ نبارك لأنفسنا وإياكم الذكرى السنوية لتأسيس تحالفنا هذا، فإننا نوجه نداءنا إلى كافة النساء بضرورة توحيد جهودهناالنسوية وتعزيز التشبيك والعمل المشترك فيما بيننا، وبتقديم الدعم والمساندة لكل الحركات التحررية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم كله، للمضي قدما على درب مسيرة تحرر المرأة حتى تحقيقها وتتويجها ببناء مجتمع السلام والعدالة الاجتماعية والمساواة الحقيقية والفعلية.

 

عاش نضال النساء والشعوب من أجل السلام!

عاش نضال النساء من أجل المساواة الحقيقية والفعلية!

عاشت حرية المرأة!

 

تحالف ندى

31 تموز/ يوليو 2022

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.