سلوى فاضل – (تحالف ندى)
الشعب الكردي في لبنان شعب فقير، متواضع، يحمل همّ قضيته، وهي كما يعرف الجميع النضال لاعلان دولته الخاصة به كعرق وشعب متنوع ومتعدد، لكنه آت من خلفية عرقية واحدة، وإن كان موزعا ومشتتا بين إيران والعراق وسورية وتركيا ودول أخرى متفرقة.
في لبنان حصل الأرمن المضطهدون من تركيا على حقوقهم السياسية، أما الأكراد فلم ينالوا حقهم الطبيعي كمواطنين بالحصول على الجنسية حتى اليوم، لأسباب لبنانية داخلية ترتبط بالتوازن الطائفي لكونهم من المسلمين.
هذا الجانب من المظلومية يعيشه الكرد في لبنان هو أمر معاكس لما يناضل من أجله كل أكراد العالم أي الهوية الوطنية الكردية الواحدة على أرضهم الحلم كردستان أو مبدئيا (روج آفا).
وكما يعلم المتابعون، الاكراد تيارات ومذاهب وأقوام.. وقد قسمّتهم السياسة الدولية، فكان من نصيب تيار كبير بينهم الاتجاه اليساري بقيادة عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور، والذي صُنف إرهابيا، الذي يتمتع بالتأييد الشامل من الكرد ومن التيارات السياسية العربية، خاصة اليسارية منها.
وهو الذي يقبع في سجون تركيا منذ 25 عاما دون أي اتصال أو تواصل أو أية معلومات عنه في وضع مشابه لوضع الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية.
هذا القائد المناضل والأمميّ دفع ثمن تواطوء دولي إقليمي في لحظة تسوية، ورغم التواطوء لم ينجُ المُتخاذل هذا من المخطط التركي- الأميركي تجاه بعض الاطراف.. كما هو حال المناضل الأممي المناضل الأممي إليتش راميريز سانشيز، الشهير بلقب كارلوس المسجون في فرنسا بناءا لطلب أميركي، كما هو أيضا حال المناضل الأممي جورج عبدالله الذي أنهى محكوميته منذ أكثر من عقد من الزمن والسلطات اللبنانية لا تطالب رغم كونه يحمل الجنسية اللبنانية بل إنها تستقبل السياسيين الفرنسيين بكل وقاحة ودون أي حياء!!.
هؤلاء المناضلين الآتين من تفاعل المضطهدين مع التيار اليساري الأممي الجارف، ولكن يد دولة اليسار والنضال كُفت يوم سقط الإتحاد السوفياتي وبات دولة تعمل ضمن حدودها.. ولتحلّ الأمميّة الاسلامية بكافة صنوفها، محلها. وبقي المناضلون هؤلاء بقبضة الامبريالية الأميركية دون أية مساندة من دولهم، مما دفع الغرب المُناهض لحقوق الشعوب المظلومة لمزيد من الاستبداد المُغطى بعناوين برّاقة منها “الديموقراطية، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني……”. وهي كلها عناوين كاذبة مُغطاة بغطاء السيطرة ونهب الثروات والضخ الإعلامي التجهيلي وتغيير مفاهيم الحرية والسيادة والاستقلال.
ومشكلة الأكراد في العالم أنّ كل الدول الموجودين فيها تحكمها أنظمة رافضة لحقوقهم، مما يعني أن قضيتهم تحتاج ثورة شاملة ليخلّصوا شعبهم من نير الأنظمة التي ينضوون تحت سيطرتها.
اليوم، وكما في كل عام يُحيي الأكراد في لبنان ذكرى اختطاف القائد (آبو) عبدالله أوجلان الخامسة والعشرين في ساحة “جبران خليل جبران” بوسط بيروت وأمام مؤسسة أمميّة، اهتزت صورتها مؤخرا وبشكل فاضح منذ السابع من إكتوبر 2023 حين تخاذل المجتمع الدولي عن نصرة غزة، بل عمدت الأممية “الإنسانية” إلى اغلاق مؤسسة “الأونروا” لمعاقبة الفلسطينيين كونهم لم يتخلوا عن مقاومتهم.
أوجلان قد يبقى في سجنه طويلا، لأنه لا دولة ولا نظام يطالب بحقه بالحرية رغم أنه ممثل لشعب ولقضية، لكنه ليس إبن أي نظام.. لذا سيكون دربه طويل ومعاناة شعبه أكبر.. إلى أن تتغير الموازين الدولية والإقليمية ويحكم بعض الأكراد في العالم.
هذه المناسبة تجمّع عدد من الأكراد في لبنان في حديقة “جبران” في الأسكوا واعلنوا للعالم أجمع عن دعمهم لحرية أوجلان المسجون بطريقة لاإنسانية ولا شرعية في تركيا. وقد سلموا من يمثل الأمم المتحدة في لبنان هذا البيان: