إعداد سلوى فاضل-(تحالف ندى)
هذا العام يكون قد مرّ 46 عاما على تنفيذ «عملية الساحل» التي خطط لها خليل الوزير «أبو جهاد» مسؤول الجناح العسكري لحركة فتح على يد “مجموعة دلال المغربي” التي ولدت في مخيم صبرا في لبنان عام 1959 واستشهدت عام 1978 في مدينة حيفا بفلسطين المحتلة. ولا يزال جثمانها محتجزا في “مقابر الأرقام” لدى العدو. وهي التي انتسبت إلى حركة فتح، وقررت المشاركة في “عملية كمال عدوان”.
دلال المغربي فدائية فلسطينية ولدت عام 1958 في مخيم للاجئين الفلسطينيين في صبرا ببيروت، من أم لبنانية وأب فلسطيني من يافا، لجأ إلى لبنان في أعقاب النكبة عام 1948. تلقت دلال دراستها الإبتدائية في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في بيروت(الأونروا).
هي بطلة “عملية كمال عدوان” التي نُفذّت بين حيفا وتل الربيع (تل أبيب) في 14 مارس/آذار 1978، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 36 إسرائيلياً.
استشهدت دلال مع ثمانية من رفاقها خلال تنفيذالعملية. وكانت على قائمة الجثامين التي طالبت بها المقاومة الإسلامية في لبنان في إطار صفقة التبادل التي أُبرمت مع إسرائيل في 17 يوليو/تموز 2008.
أين نشأت دلال؟
ولدت دلال ونشأت في محيط يسعى للنضال بكل الطرق. قررت، وهي التي كانت تعمل ممرضة، أن تشارك بالمقاومة، فإنضمت إلى حركة فتح.
عام 1977 أنهت دورة تدريبية لمدة 3 أشهر وصلت خلالها إلى رتبة ملازم. وقد عُرض عليها بعد ذلك تسلّم مسؤولية سياسية في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بإيطاليا، لكنها رفضت.
تركت الشهيدة دلال وصيّة تطلب فيها من رفاقها «المقاومة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني».
مفاجأة
لم يتوقع الجيش الإسرائيلي أن تصل الجرأة الفلسطينية إلى هذه الدرجة حيث كانت “عملية كمال عدوان”. وكانت تعتمد على القيام بإنزال على الشاطئ الفلسطيني والسيطرة على حافلة عسكرية والتوّجه إلى “تل أبيب” لمهاجمة مبنى الكنيست.
وقد تم اختيار دلال كرئيسة للمجموعة المكوّنة من 12 فدائيا من مختلف البلاد العربية. عُرفت العملية باسم «عملية كمال عدوان». وعدوان هو قائد فلسطيني استشهد مع كل من كمال ناصر وأبو يوسف النجار في بيروت، على يد الصهيوني إيهود باراك الذي تسلل مع فرقة أمنيّة متخفّيا بِزيّ إمرأة، واضعا شعرا مستعارا، حيث قام باغتيال القادة الثلاثة في شارع فردان في بيروت.
تفاصيل العملية الفدائية
في 11 آذار من عام 1978 نزلت دلال مع مجموعتها الفدائية “مجموعة دير ياسين” عبر سفينة نقل تجارية إلى البحر، وتوصلهم إلى مسافة 12 ميلا من الشاطئ الفلسطيني، من ثم استقلت المجموعة زوارق مطاطية لتصل بهم إلى شاطئ يافا القريبة من “تل أبيب” حيث مقر البرلمان الصهيوني آنذاك_هدف العملية الأول_ غير أن الرياح كانت قوية ذاك اليوم مما حال دون وصول الزوارق إلى الشاطئ في الوقت المحدد، الأمر الذي دفع بالزورقين المطاطييّن إلى البقاء في عُرض البحر ليلة كاملة تتقاذفهما الأمواج حتى لاحت أضواء “تل أبيب” ووصلوا إلى منطقة غير مأهولة. تمت عملية الإنزال على الشاطئ، حيث لم يكتشفها الإسرائيليون فلم تكن إسرائيل تتوّقع أن تصل قوة الفلسطينيين للقيام بإنزال على الشاطئ على هذا النحو، كما نجحت دلال ومجموعتها بالوصول إلى الشارع العام المتجه نحو “تل أبيب”، ثم تجاوزت الشاطئ إلى الطريق العام قرب مستعمرة “معجان ميخائيل” وتمكّنت دلال ومجموعتها من إيقاف سيارة باص كبيرة بلغ عدد ركابها 30 راكبا، وأجبروها على التوّجه نحو “تل أبيب”. كما استطاعت مجموعة “دير ياسين” السيطرة على باص ثانِ تم نقل ركابه إلى الباص الأول واحتجزوا الجميع كرهائن ليصل عددهم إلى 68 رهينة صهيونية.
كان الرعب يُخيّم على وجوه الرهائن إذ لم يخطر ببالهم رؤية فدائيين على أرض فلسطين.
وعندما اكتشفت القوات الإسرائيلية العملية جنّدت قطعا كبيرة من الجيش وحرس الحدود لمواجهة الفدائيين، ووضعت حواجز في الطرق المؤدية إلى “تل أبيب”، لكن الفدائيين تمكنوا من تجاوز الحاجز الأول ومواجهة عربة من الجنود وقتلهم جميعا، الأمر الذي دفع بقوات الاحتلال إلى تكثيف الحواجز حول الطرق المؤدية إلى “تل أبيب”، غير أن الفدائيين استطاعوا تجاوز حاجز ثانِ وثالث حتى أطلّوا على مشارف “تل أبيب”. لكن قوات الاحتلال صعّدت من خلال المزيد من الحشود العسكرية لمواجهة 12 فدائيا تقودهم مُقاتلة شابة، جميعهم جاءوا من الشتات، بأسلحة خفيفة صمدت في وجه دباباتهم، تمركزت الآليات العسكرية المدرعة قرب نادٍ اسمه(كانتري كلوب).
عملت قوات الاحتلال على تعطيل إطارات الباص ومواجهته بمدرعة عسكرية لإجباره على التوقف. رفض جيش الاحتلال التفاوض، فأصدرت البطلة دلال أوامرها للمجموعة بمواجهة مباشرة مع المحتل، وجرت معركة عنيفة أظهرت خلالها دلال ومجموعتها نماذج في الصمود والجرأة في الأوقات الصعبة حيث نجحت في اختراق الجيش ومقاتلته بأسلحة بسيطة.
أصيبت دلال واستشهد عدد من الرفاق، وانقلب الوضع لمصلحة الصهاينة، خاصة أن ذخيرة المجموعة قد نفذت. وكانت قوات الاحتلال تطلق قذائفها غير مبالية باليهود الرهائن المحتجزين بالباص، فسقطوا بين قتيل وجريح، والوضع أخذ بالتردي، خاصة أن دلال أصيبت إصابة بالغة. بعد أن كبّدت جيش الاحتلال حوالي 30 قتيلا وأكثر من 80 جريحا، بحسب ما أعلنت قوات الاحتلال.
أما الجرحى من المجموعة فهم إثنين أسروا لدى العدو وتقول الروايات قوات الاحتلال أقدمت وبشراسة على الأسير الجريح تسأله عن قائد المجموعة، فأشار بيده إلى الشهيدة دلال، وقد تخضبت بثوب عرسها الفلسطيني، لم يُصدق إيهودا باراك (كان حينها وزيرا) ذلك، فأعاد سؤاله على الأسير الجريح مُهددا ومتوعدا فكرر الأسير قوله السابق: “إنها دلال المغربي”. فأقبل عليها إيهودا باراك يشدها من شعرها ويركلها بقدمه بصلف ظالم لا يقر بحرمة الأموات.
أسماء الفدائيين:
1-الشهيد دلال سعيد المغربي مواليد بيروت، 20 عاما.
2-الشهيد محمود علي أبو منيف مواليد نابلس، 1960.
3-الأسير حسين فياض مواليد غزة، 1960.
4-الشهيد أبـو الرمــز، 18 عاما.
5-الأسير خالد محمد إبراهيم مواليد الكويت، 18 عاما، حكم عليه بالمؤبد.
6-الشهيد حسين مراد مواليد المنصورة 1961، 15عاما، لبناني.
7-الشهيد محمد حسين الشمري مواليد شمر 1958، 18 عاما، يمني.
8-الشهيد خالد عبد الفتاح يوسف مواليد طولكرم 1957، 18 عاما.
9-الشهيد عبد الرؤوف عبد السلام علي مواليد صنعاء 1956، يمني.
10-الشهيد محمد محمود عبد الرحيم مسامح مواليد طولكرم 1959، فلسطيني.
11-الشهيد عامر أحمد عامرية مواليد المنية 1953، لبناني.
12-الشهيد محمد راجي الشرعان مواليد صيدا 1957، 17 عاما.
13-الأسير يحيى محمد سكاف لبناني، مواليد طرابلس 1959 أُصيب في العملية. شهادات الصليب الأحمر تقول إنه كان محتجزاً في سجون الاستخبارات العسكرية وإسرائيل لم تعترف بوجوده في سجونها.
وصيتها
تركت دلال وراءها وصية بخط يدها تطلب فيها من المقاتلين حملة البنادق “تجميد جميع المتناقضات الثانوية، والتصعيد مع سلطات الاحتلال، وتوجيه البنادق إليها”. وهي التي استشهدت فداءً لما أوصت به، فقدمت حياتها دفاعاً عن ثرى وطنها.