نظم تحالف ندى الإثنين 15سبتمبر2025، ندوة رقمية عبر الزوم، تحت عنوان” السودان في مرمى الصراع الإقليمي والدولي، النساء وثمن حصار المدن “، تحدثت عن التداعيات الإنسانية للحرب على النساء، علاوة على الحصار والتجويع كأدوات حرب من قبل أطراف الحرب
وقالت مديحة عبدالله وهي مدافعة عن حقوق الإنسان، في مداخلتها إن السودان يعتبر ثالث أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة، ويذخر بثروات طبيعية هائلة، ومنذ استقلال السودان شهد دوامة من الحروب الأهلية استعرت بوصول الاسلاميين للسلطة1989 ما أدى إلى انفصال جنوب السودان رغم توقيع اتفاقية سلام نيفاشا 2005، كما شهد السودان اندلاع الحرب في دارفور 2003، وتم ارتكاب فظائع إنسانية دفعت الجنائية الدولية لإصدار قرار بالقبض على رأس النظام عمر البشير عام2009، كما اندلعت حرب في جنوب كرفان 2011 وعمد نظام الاسلاميين لتشكيل مليشيا الدعم السريع في دارفور، وقامت انتهاكات واسعة ضد المدنيين وهناك
خلال هذه الحروب تم انتهاك واسع لحقوق المدنيين في كل أنحاء السودان.
وتابعت،” قامت ثورة ديسمبر 2019 بمشاركة واسعة من كل القوي المدنية والحزبية المهنيين النساء والشباب وتشكلت حكومة انتقالية مدنية بموجب وثيقة دستورية تضمن التداول السلمي للسلطة بين المدنيين والعسكريين وعمد المكون العسكري(يشمل قيادة الجيش وقيادة مليشيا الدعم السريع) للقيام بانقلاب على الحكومة الانتقالية في أكتوبر 2021، وعقب رفض واسع من كافة قطاعات الشعب للانقلاب
توصل المدنيون لصيغة لاستعادة الحياة المدنية وتكوين جيش واحد (اتفاق اطاري) ،وافق عليه في البداية قادة المكون العسكري لكن نشأ خلاف حول هيكلة الجيش ،إذ نص الاتفاق الاطاري على دمج قوات الدعم السريع في الجيش “، لافتة إلى أن الصراع العسكري العسكري أدى الي اندلاع حرب15ابريل2023
ونجم عن الحرب انتهاك واسع لحقوق الانسان وفقدان 150الف شخص لحياتهم، وأكثر من 13مليون ما بين نازح ولاجئ 88 بالمائة منهم اطفال علاوة على تدمير واسع للبنية التحتية”.
ولفتت إلى أن إعادة اعمار العاصمة يتطلب نحو 300مليار دولار وأكثر من 700 مليار دولار لإعادة اعمار السودان ككل.
وأضافت،” الآن يعاني أكثر من24 مليون من السودانيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد و638
ألف شخص يواجهون مستويات كارثية من الجوع، مما جعل السودان يواجه أكبر كارثة جوع في العالم، ويواجه السودانيون أمراض الكوليرا وحمى الضنك والملاريا ويسود اعتقاد واسع وفقا التقارير ذات مصداقية بأن الجيش السوداني استخدم أسلحة محرمة دوليا مما يزيد المخاوف من تزايد حالات المرض والموت بسبب مخلفات استخدام تلك الاسلحة
وأشارت إلى رفض أطراف الحرب كل المساعي الإقليمية والدولية لوضع حد للحرب، مما فسح المجال لتحويل الحرب لحرب بالوكالة لصالح بعض دول الجوار التي تسعى للاستفادة من موارد السودان الهائلة وافقار شعبه.
واردفت عبدالله،” تواجه النساء السودانيات مختلف أشكال العنف، حسب تقرير بعثة التقصي الدولية زادت نسية العنف الجنسي بنسبة 288بالمائه في الفترة من ديسمبر 2023 إلى ديسمبر 2024
شمل ذلك جرائم الاغتصاب ،الخطف ،الاستغلال الجنسي ،التزويج القسري،الاستعباد الجنسى ،من قبل أطراف الحرب خاصة من قبل قوات الدعم السريع “.
ولفتت إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية، وانعدام الرعاية الصحية في فترة الحمل والولادة مما أدى لارتفاع حالات الوفاة، إضافة إلى وجود165الف حامل و750 ألف مرضعة يواجهن سوء التغذية، و45ألف طفل ماتوا بسبب سوء التغذية و54 ألف امرأة يواجهن سوء التغذية ومرض السل في ولاية جنوب كردفان.
وعقبت عن ارتفاع معدل وفيات الأمهات الي حوالي290
وفاة لكل 100 ألف ولادة
وبلغت وفيات الأطفال 51 وفاة لكل الف طفل، فيما حُرمت أكثر من مليون امرأة حامل من الرعاية الصحية قبل وأثناء الولادة
أما في جنوب دارفور وحدها، تم توثيق 46 حالة وفاة للامهات، و48حالة وفاة للأطفال حديثي الولادة خلال أشهر قليلة معظمها بسبب نقص الرعاية الصحية حسب تقارير وسائل اعلام محلية .
و انتقدت الناشطة النسوية والمدافعة عن حقوق الإنسان نهلة يوسف الدور الباهت للبلدان العربية وللإعلام، كما انتقدت دفع المال من قبل أطراف الصراع من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي دون الالتفات للمدنيين “أن التحولات في السودان شهدت تدخلات خارجية أطالت أمد الحرب وأثرت على فرص إحلال السلام، فالأزمة في السودان تسببت بحرمان الناس من أبسط مقومات الحياة”.
وكشفت أن النساء منذ الاستقلال حرمن من التعليم والعلاج وكل شيء وزاد الصراع من أوضاعهن المأساوية، “هذا الصراع لم يكن خلاف بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني ولكنها جاءت نتيجة لتراكمات، ويصر طرفا الصراع على الحصول على السلطة للتهرب من المسائلة والمحاسبة، لذلك أصبحت أجساد النساء ساحة للمعارك وتستخدم أجسادهن كأداة من أدوات الصراع من قبل طرفا الصراع وسببها الأساسي التهرب من المحاسبة التاريخية، والآن تواجه النساء أوضاعً مزرية، فقد تم سلب كل ما تملكه نساء السودان فالمعروف أن أوضاعهن صعبة جداً، فقد تم سرقة جهد العاملات في مناطق مختلفة من السودان، ويتم تجويعهن بشكل ممنهج بواسطة حصار المدن”.
وأضافت “هذه الحرب هي حرب بقاء وامتلاك الأرض، والأصل في هذا الامتلاك هو طرد السكان من مناطقهم وارتكاب الإبادة الجماعية بحقهم، ونتيجة لهذه العقلية والأهداف ارتكبت مجازر وادي صالح وشطاي وغيرها من إبادات جماعية لقبائل كبيرة صاحبة أرض، ويتعمد المقاتلون الاعتداء على حرمات هذه القبائل، وبذلك يتم الاعتداء على النساء لكسر إرادة المجتمع، مما يدفع الناس لترك أرضهم لحماية النساء”.
ولفتت إلى أن هناك مناطق محاصرة اليوم في كردفان ودارفور وغيرها وهذا الحصار منع إدخال كل مقومات الحياة حتى الماء، وتم قصف وتدمير كل المؤسسات العلاجية.
وأشارت إلى أنه “نتيجة انتشار المجاعة في العديد من الأقاليم تأكل النساء الأعلاف مما تسبب لهن بإجهاضات، فتجويع امرأة هو تجويع رضيع وحتى طفل ما يزال في أحشائها، كما تُجبر أخريات للبقاء في المناطق التي تشهد اشتباكات لأنهن مجبرات على تحمل مسؤولية الأسرة والأطفال والكبار في السن وذوي الاحتياجات الخاصة لذلك ارتضين بالجوع، ومنهن من حمل السلاح للدفاع عن أنفسهن، وهذا مهم لأنه عند الحروب يتم التعدي جنسياً على النساء وهناك قصص صمود لمقاومة النساء في مناطق التجويع القسري،”، مضيفةً أن النساء لسن بمستوى واحد، ففي الريف هن أقل تعليماً لكنهن الأكثر إنتاجاً، ولكن نتيجة الصراع المستمر تدمرت البنية الانتاجية ولم تستطع النساء الزراعة، فمن تخرج من المناطق المحاصرة يتم قلتها أو الاعتداء عليها جنسياً ويتم اتهامها بالعمالة للطرف الآخر”.
وأكدت أن الانتهاكات التي تجري في السودان له وضع مختلف تماماً فلا بد من أن تسمع أصوات السودانيات في أي تجمع لحل الأزمة السودانية، ما يحصل في السودان بعيد عن الإعلام والتوثيق الجيد على عكس ما يحدث في غزة مثلاً، والمنظمات الحقوقية عندها القدرة الكاملة لتوثيق كل شيء، تم قطع الإنترنت والكهرباء عن عمد لإعاقة عمل الصحفيين والصحفيات والعاملين في المجال الحقوقي، فالظروف صعبة والمخاطر والانتهاكات تحيط بهم، لم يتم توثيق احتياجات المحاصرات بشكل جيد”.
وبينت أنه لا يتم التحقيق بالانتهاكات ضد النساء لأن ما سيتكشف عنها سيسقط شرعية أطراف الصراع ولن تحصل على السلطة، “لا يتحدث قوات الدعم السريع عن جرائم الاغتصاب، وكذلك لا يتم التحقيق ولا حتى الحديث من قبل حكومة الانقلاب التي تسمي نفسها حكومة شرعية عن الانتهاكات، يقومون بإصدار خطاب التحرير بدلاً من كشف حقيقة استهداف المدنيين، والمنشآت المدنية والطيران الذي استهدف القبائل المدنية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، كلا الطرفين يتهربان من المسؤولية ولا يتحدثان عن الجرائم المرتكبة ويستبعدوا الملفات المتعلقة بالنساء”.
واختتمت نهلة يوسف مداخلتها بالتأكيد على أن حالات الاغتصاب مستمرة، والعديد من الناشطات مسجونات والنساء ذوات البشرة السوداء تتعرضن للتمييز والعنف والقهر النفسي والقتل المباشر “العالم يسمع ويشهد ولكن هناك بطئ في اتخاذ قرار نحو إيقاف الصراع الدائر وفتح الممرات الآمنة وفك حصار المدن”.