أكدت المشاركات في الندوة الرقمية حول مسيرة نضال ساكينة جانسيز على أنه مهما حاولت الدولة التركية كسر إرادة المرأة عبر تنفذيها اغتيالات بحق الرياديات والقياديات، ألا أنها لن تتمكن من إبادة شعب لديه إرادة حرة وعزيمة.
وأوضحت رئيسة رابطة جين النسائية ومنسقة تحالف ندى النسوي بشرى علي “، خلاال مشاركتها في ندوة نظمتها رابطة نوروز عبر منصة الزوم، بمناسبة الذكرى 11 لاغتيال الأيقونة ساكينة جانسيز وهي إحدى مؤسسي حزب العمال الكردستاني وممثلة المؤتمر الوطني الكردستاني (KNK) وفيدان دوغان (روجبين)، وعضو حركة الشباب الكردي ليلى شايلمز (روناهي)، على يد الاستخبارات التركية في العاصمة الفرنسية باريس، ساكينة جانسيز من ضمن المجموعة المؤسسة لحزب العمال الكردستاني، وبالعودة إلى الواقع التاريخي والاجتماعي الذي جاءت منه، فهي ابنة مدينة ديرسيم، يقطنها فيها مكونات مختلفة منها الكرد من المذهب العلوي المدينة التي لم تعرف الاستبداد أو السلطة أو الدولة، كانت أقرب ما تكون إلى المجتمع الطبيعي بتقاليدها وأعرافها، إلى أن بدأت الدولة التركية بعد تأسيسها في عشرينيات القرن العشرين في ارتكاب مجازر جماعية راح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء هذه المدينة، فقط لأنهم كرد والتي تعتبرها الدولة التركية خطراً يهدد وجودها”.
وأشارت إلى أن “ساكينة جانسيز هي مجموعة لعدة هويات مميزة، فهي أولاً امرأة، وكونها امرأة فهي هدف، ثانياً كونها كردية فهي إذاً هدف أخر، وثالثاً كردية وعلوية وهنا الهدف الثالث، كما أنها ابنة المدينة التي انتفضت بوجه الدولة التركية والتي لم تتمكن من السيطرة عليها إلا بالمجازر والدم، لكن ساكينة جانسيز لم تعرف الاستبداد والسلطة والدولة إلا بعد أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، وهذا ما أحدث صدمة لدى أهالي ديرسيم خاصةً بعد الإبادات الجماعية”، مبينة أنه “كل هذا جعل من ساكينة جانسيز تخرج وهي تحمل في جيناتها هذا الواقع المتمرد الذي عاشته، خصوصاً أنها تتحدر من عائلة شهد أجدادها مجازر وقتل ونزوح، كل ذلك ترك أثراً في شخصيتها”.
وأوضحت أن “ساكينة جانسيز كانت تتساءل دائماً لماذا كل هذا القتل ولماذا هذا الاستبداد؟ ولماذا كل هذا الذي يجري بحقنا، كانت إشارات الاستفهام التي تدور في مخيلتها أكبر من عمرها، كل هذه الأمور دفعتها لتكون جديرة بهذه المسيرة الشاقة التي خطتها لنفسها، فكانت ثورية ومتمردة بكل معنى الكلمة”.
وقالت “رغم كل الذي عاشته ساكينة جانسيز كانت تحب الأنسان والطبيعة لأنها نشأت في مجتمع لم يعرف الاستبداد والدم إلا مؤخراً، كان حبها للأرض والطبيعة إلى جانب تمردها يميزها، لتصبح محط استقطاب النساء والفتيات اللواتي تعرفت عليهن، فهي امرأة لا تعرف الاستسلام وتبحث دائماً عما هو أفضل، كل هذه الأمور كونت شخصيتها التي أصبحت خلال مسيرتها أيقونة بكل معنى الكلمة”.
وعن نضالها في السجن قالت بشرى علي “كانت مقاومتها في سجن أمد لبنةً أساسية في مسيرة نضالها ضد التعذيب التي تعرضت لها إلى جانب السجناء وحافظت على وقفتها الأبية لتتحول إلى أسطورة بين رفاقها وشعبها واستطاعت أن تثور على الظلم الذي يتعرض له المعتقلون الكرد داخل السجون التركية”.
وعن الأسباب التي دفعت الدولة التركية لاغتيال المناضلات الثلاثة أوضحت “كانت ساكينة جانسيز أيقونة للنضال لأنها أول امرأة شاركت في نشر الحركة النسائية الكردية التحررية في كردستان والعالم، أما فيدان دوغان كانت تمثل المؤتمر الوطني الكردستاني وتمثل مؤتمر قمة الوحدة الكردية الذي كان من المفترض أن يعقد ليشمل كافة الأحزاب الكردية، بالإضافة إلى ليلى شايلمز ممثلة الشبيبة الكردية في أوروبا، والقوة الديناميكية التي يخاف منها العدو، كل ذلك دفع الدولة التركية لتوجيه ضربة لحركة المرأة الكردستانية لتخوفها من تنظيم صفوف الكوادر النسائية، لكن المجزرة أدت لردة فعل معاكسة زادت من تصميم النساء وتشبثهن بالنضال التحرري، وأكبر دليل على ذلك كان عند نقل جثمان ساكينة جانسيز إلى مسقط رأسها في مدينة ديرسيم، حملت نعشها النساء فقط، وهذا دليل على أن هذا الاغتيال زاد النساء الكرديات عزيمة وإصراراً على مواصلة نضالهن”.
وأكدت أن “القضية الكردية ليست قضية مجزأة، بل هي قضية شاملة ومتكاملة وموجودة بكل مكان، وبعد اغتيال ساكينة جانسيز، زادت المرأة الكردية من وتيرة نضالها في المعارك ضد داعش والعمليات الفدائية التي نفذتها كالعملية التي نفذتها آرين ميركان، كما برز اسم وحدات حماية المرأة الكردية YPJ، وهذا أكبر دليل على أن المرأة الكردية زادت إصراراً وعزيمة، واستطاعت محاربة داعش، وشهدنا أيضاً الانفتاح والانفراج لدى المرأة الكردية من خلال التشبيك مع مختلف النساء في كافة أنحاء العالم، لدرجة أن هناك الكثير من الشبكات الإقليمية والعالمية التي تم تأسيسها بريادة نسائية كردية”.
وقالت أن ما يجري في إقليم شمال وشرق سوريا من ترسيخ مبدأ العيش المشترك وثقافة التسامح تم تشويهها وتصديعها بكثير من السياسات السلطوية، ولكن المرأة استطاعت إنعاش هذه الروح المجتمعية في الوقت الذي كانت فيه في قمة النزعة القوموية المتطرفة، بريادتها ونضالها في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة من خلال ثورة تم تسميتها بثورة نسائية مجتمعية وريادية والتي باتت نموذجاً لجميع النساء فيما يتعلق بمنجزاتها وبالقوانين التقدمية التي أصدرتها”.
وكالة انباء المرأة