تزامناً مع الذكرى 75 للإعلان العالمي عن حقوق الإنسان، نظم تحالف ندى النسوي ورشة عمل سلطت خلالها الضوء على أوضاع النساء في العديد من المناطق كغزة وإقليم شمال وشرق سوريا والسودان وليبيا.
شاركت مجموعة من الناشطات أمس الجمعة 22 كانون الأول/ديسمبر، في ورشة عمل عبر تطبيق زووم من مختلف دول شمال أفريقيا وغيرها، لإلقاء الضوء على أوضاع النساء وانعدام المساواة بين الجنسين، وطالبن خلالها الجهات المعنية بوضع حد للانتهاكات التي تتعرضن لها ودعم الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات.
وحول هذا الموضوع قالت مسؤولة ملف المرأة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خالدات حسين، أن معاناة النساء في فلسطين لا يمكن وصفها، بعد أن فاقت الانتهاكات الإسرائيلية التوقعات والوصف وبلغت درجة الجريمة، وطالت تلك الانتهاكات الناشطات اللواتي بتن أسيرات وتم التنكيل بهن، منددة بالصمت الذي يخيم على العالم دون الدفاع عن المحتجزين والجوع والقتل المباشر والإبادة الجماعية والحصار على غزة.
وأشارت إلى أن إسرائيل تنتهك حقوق الأسرى والمعتقلين لديها وتحرمهم من رؤية عوائلهم للضغط عليهم، مشددةً على ضرورة التضامن العالمي النسوي مع غزة ونساءها، لأن هذا التضامن قادر على خلق التغيير.
من جانبها أفادت الناشطة النسوية مريم أبو دقة، بأن ملامح سايكس بيكو الجديدة وتقسيم الشرق الأوسط بدأ من فلسطين، حيث أن الحرب الإسرائيلية على غزة فضحت حقيقة الغرب وادعاءاته الكاذبة بالتسويق لعالم حر، لافتةً الى القمع الذي تعرض له المتظاهرين في فرنسا وألمانيا على خلفية تضامنهم مع غزة، ذلك عرّى أكذوبة الحرية حين تم قمع تظاهراتهم وزجهم في السجون.
وأكدت أن الصورة الحقيقية لما يجري في غزة ليس سوى نسبة ضئيلة مما يعيشه المدنيين، حيث يرتكب بحقهم العديد من الانتهاكات اللاإنسانية من إعدامات واعتقالات أمام مرأى العالم ومسمعه دون حراك.
بينما أكدت الاستشارية بمركز الأبحاث وحقوق المرأة بإقليم شمال وشرق سوريا مزكين حسن أن ما تعيشه النساء في غزة وفلسطين اليوم عاشته النساء في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا من اغتصاب وعنف وقتل من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، بالإضافة لقتل واستهداف القياديات بالطائرات المسيرة “نشعر بمعاناة نساء غزة ونعلم جيداً تلك المآسي فنحن عشناها بعد احتلال تركيا لمناطقنا”.
وقالت على الرغم من الذهنية الذكورية وسياسة الاحتلال التركي في أبعادهن عن الحياة العامة والسياسية، ألا أن نساء إقليم شمال وشرق سوريا نهضن وناضلن حتى أصبحن في مراكز صنع القرار وحققن إنجازات، داعية النساء للتكاتف من أجل مواصلة نضالهن ضد الذهنية الذكورية.
وبدورها أشارت المحامية اليمنية والناشطة النسوية اعتصام المقطري، إلى أن النساء تتعرضن للتهميش ولجرائم العنف بدرجات أكبر أثناء الحروب والنزاعات التي زادت من نسبة النساء المعيلات لأسرهن وما خلفته من اضطرابات نفسية لديهن، خاصةً بعد انخراط الذكور في العمليات العسكرية، بالإضافة إلى أرتفاع حالات الطلاق بسبب العنف الذي تتعرضن له بعد عودتهم من جبهات القتال.
كما وجهت السلطات العديد من المذكرات لتقديم العون القانوني للنساء، وإنشاء مراكز دعم نفسي للرجال العائدين من جبهات القتال بعد ارتفاع نسبة حالات الطلاق، مع توقف عمل المنظمات في محافظة تعز اليمنية من تقديم العون القانوني للنساء.
وأشارت إلى أن طرفي النزاع في اليمن أعاقا حركة تنقل النساء بشكل عام وخاصة العاملات في مفاوضات السلام من خلال نقاط التفتيش المنتشرة التابعة لكل قوى واشتراط وجود محرم، والذي ينتهك بذلك حقوق النساء، التي وثقها ناشطون/ات وحقوقيون/ات خلال السنوات الماضية، والتي تضمنت جرائم القتل والاعتقال والاختفاء القسري والاغتصاب والاعتداء والإعدام والسجن وتلفيق تهم أخلاقية لغرض تشوية سمعتهن.
وقالت اعتصام المقطري “يجب علينا ألا ننسى النساء المناهضات لسياسة أي طرف من أطراف النزاع فيتم في معظم الأحيان اتهامهن بجرائم جنائية أو أخلاقية, بالإضافة إلى استغلال النفوذ للتخلص من المناهضات لسياستهم”.
أما عضوة التنسيقية المغربية لحقوق الإنسان خديجة الرياضي قالت “في البداية أندد بالانتهاكات الصارخة التي يتعرض لها المدنيين في غزة والسودان من تجويع وتشريد وتعتيم إعلامي”، ونوهت إلى أن “الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو لتعرقل وقف إطلاق النار في غزة من أجل مصالحها وسياساتها، فهذه الدول لم تتوقف عن شن حروبها على فيتنام وسوريا وأفغانستان والعراق وحصار الدول تعسفاً ككوبا وفنزويلا، بالإضافة إلى الانقلابات العسكرية في أمريكيا الجنوبية، وزرع الفتن والنزاعات، كما استعملت خطاب الحقوق في الحرب الباردة ضد المعسكر الاشتراكي”.
مشيرة إلى أن الصحيفة الخاصة بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان تضع ثلاثة معايير للمدافعين عن حقوق الإنسان أولها أن البشر جميعاً متساوون في الحقوق، وأن تندرج هذه الحقوق ضمن منظومة حقوق الإنسان الدولية، والمعيار الثالث أن تكون الإجراءات المتخذة من أجل هذه الحقوق سلمية، وألا تمس حقوق وحرية الآخرين، بالإضافة إلى تشديد حقوق المدافعين بالحصول على التعليم والدعم المالي بالإضافة إلى المعلومات وغيرها.
وقالت أن الحكومات ملزمة بتأمين هذه الحقوق، ففي عام 2010 تم التركيز على حقوق المدافعات ضمن تقرير حول القمع والتحديات الخاصة التي تتعرضن له الناشطات والمحاميات والصحافيات والمدرسات والفنانات والنقابيات والسياسيات والمزارعات، كونهن مبعدات عن التعريف بعملهن، وتتحدين النظم المجتمعية السائدة، بالتخلي عن أدوارهن التي يحددها لهن المجتمع الذكوري، ليصبح القمع طريقة لإرجاعهن إلى المكانة الدونية المخصصة لهن من قبل النظام الذكوري.
وأضافت أن هذه الأنظمة تحاول عبر وصف المدافعات عن حقوق الأنسان بأوصاف تنتقص من قيمتهن، ولجئت لاستخدام ألفاظ بشعة للتشهير بهن وخصوصاً في أميركا الجنوبية، ففي عام 2013 أصدرت الأمم المتحدة قراراً خاصاً بالمدافعات عن حقوق الإنسان لجهة المخاطر الخاصة والممارسات التمييزية والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وهذه الوثيقة التاريخية تحث الدول على ممارسة سياسات تراعي الفوارق المبنية على النوع، خصوصاً في المناطق العربية، بالإضافة إلى ما تتعرض له القياديات في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا من انتهاكات واعتقالات قسرية وصولا إلى الاغتيالات.
وبينت أن هناك جماعات مسلحة في سوريا وفي السودان وأفغانستان والعراق وغيرها من الدول، ساهم الغرب بتسليحها، من أجل كتم الأصوات ولا سيما أصوات النساء وتعريضهن لأشكال مختلفة من القمع والتضييق، “تاريخ نضال هؤلاء النساء في منطقتنا لا يعطى ما يستحق من الاهتمام، من بينهن سعيدة المنبهي والذي تم استحداث يوم المرأة المغربية المناضلة في ذكرى وفاتها، والمدونة سعيدة العلمي التي رفع القضاء عقوبتها من سنتين إلى ثلاث سنوات، والاعتقال بحق الناشطات والحقوقيات والصحافيات مثل هاجر الريسوني التي أطلق سراحها تحت ضغط الحركة الحقوقية الوطنية والدولية، فضلاً عن استخدام الإعلام من قبل السلطة لتشويه سمعة المدافعين/ات عن حقوق الإنسان، ومن ضمنها التكاتف مع النظام الذكوري مثل التحرش في أماكن العمل واستغلال العقليات الأبوية في المجتمع للضغط على الأسر في حالة الشابات اللواتي تعشن مع أسرهن عبر تهديد وتخويف ذويهن لإجبارهن للخروج من الساحات النضالية.
وأكدت أن “المنظمات الحقوقية قامت بأشكال متعددة من الدعم لهذه الناشطات من خلال المحاكم وإطلاق حملات تضامن كما ساهمت برفع العزلة عنهن عبر حملات مناصرة دولية والمراسلات المكثفة التي تصل للمعتقلات في السجون، وأكبرها ما قامت به حركة المعتقلين السياسيين التي لعبت فيها النساء دوراً محورياً منذ سبعينيات القرن الماضي والتي تعتبر اللبنة الأساسية التي تشكلت على إثرها حركة حقوق الإنسان في المغرب”.
ولفتت خديجة الرياضي إلى أن ما يخص النساء الصحراويات ونضالهن “هناك آراء متنوعة ومختلفة في الشق السياسي، فأولاً ما يخص النزاع في الصحراء المغربية هناك اختلاف سياسي في تقدير النزاع فلم يسبق للتنسيقية أن ميزت بين المعتقلات السياسيات، وهي الجمعية الوحيدة التي كلفت محامين للدفاع عنهن، والمعروفات بمعتقلي “اكَديم إزيك” وأخرجت تقريراً واضحاً دعت خلاله إلى إطلاق سراحهن”، مؤكدةً أن الجانب السياسي فيه خلاف ولكن الجانب الحقوقي واضح تماماً، فليس هناك تميز بين المعتقلات بغض النظر عن انتماءاتهن السياسية”.
وبدورها لفتت الناشطة النسوية ورئيسة منظمة دار السودان في برلين شاديا عبد المنعم إلى أن الوضع في السودان لا يقل بشاعة عما يحدث في غزة، فالإحصائيات قبل اجتياح منطقة الجزيرة كانت 10 آلاف قتيل و15 مليون جريح ولاجئ، النساء في جنوب وشمال السودان تدفعن ثمن هذه الحروب، ففي آخر اتفاق سلام حول حكومة ديمقراطية بين الحركة الشعبية والحركات المتنازعة، استولت حكومة الإسلاميين على السلطة قاطعة الطريق أمام هذا الاتفاق، لتستمر الحرب بويلاتها، عانت خلالها النساء من كافة أشكال العنف، ولم يسمع العالم بهذه الانتهاكات نتيجة التعتيم، فضلاً عن صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم.
وأوضحت “حصلت العديد من الانتهاكات بحق النساء في درافور بالإضافة إلى الإبادة بالبراميل الحارقة والأسلحة المحرمة دولياً ومع ذلك لم يرتفع صوت التضامن معنا، نعلم جيداً أن الإمبريالية هي من تعتم ونعرف لماذا يتم استهداف السودان، فما حدث في ود مدني حصل مراراً في الجزيرة، وما يتعرض له الناشطين/ات لا يمكن وصفه، كما تتعرض النساء في الكثير من المناطق نتيجة الحرب الدائرة للاغتصاب، فهناك مطالبات بحبوب منع الحمل من قبل النساء في السودان، مشيرةً إلى أن كل امرأة وفتاة في خطر نتيجة تمدد العمليات في كافة المناطق، فالحروب تخاض على أجساد النساء، فالانتهاكات التي تحصل بحق النساء في السودان تنتهك حقوقهم.
لافتةً إلى أنه “عند الحديث عن النساء الكرديات فإننا نتحدث عن معركتنا ضد نفس العدو والوصول لنفس المصير، فعلينا تغيير استراتيجيتنا المحلية والإقليمية وإذا أمكن الدولية لتغيير هذه الأنظمة التي أول ما تفعله هو سحق النساء، وأن السياسة التي تسعى إليها هذه الأنظمة تقود إلى أجساد النساء، فالآن لدينا الفرصة للمشاركة في صنع القرار”.
وطالبت النساء بالتضامن المشترك خاصةً اللواتي تعرضن للاستغلال والظلم “يجب التركيز على تغيير استراتيجيتنا لتحقيق مكاسب من أجل النساء، لن تتحقق هذه المكاسب إلا بتحرر أوطاننا، ولن ننتظر لتكون النساء جزء من القرار والتغيير، فنحن ضد النظام العالمي البطرياركي والنظام الإمبريالي العالمي في المنطقة، كما يجب علينا أن تحديد موقعنا من الديمقراطية”.
وقالت إحدى المشاركات وهي لاجئة فلسطينية في لبنان سعاد عبد الرحمن “بتحرر فلسطين ستحرر كل الأمة، وستسقط منظومات حقوق الإنسان المبنية على دماء شعوب منطقة الشرق الأوسط” مؤكدةً أن من يسيطر على منظومة حقوق الإنسان ومجلس الأمن هي إسرائيل، وهذه الإبادات التي ترتكب في غزة تستهدف بالمقام الأولى النساء والأطفال، كما نستذكر ما فعله داعش ومرتزقته والاحتلال التركي في سوريا من تقسيم ونهب وقتل ضد المدنيين”.
وأوضحت الناشطة الحقوقية السورية جيهان الخلف أن “حقوق الإنسان تم إقرارها لتلبي مصالحهم وليس لتخدم المدنيين في الذي يعيشون ويلات الحروب والنزاعات، ولو كانوا فعلاً بما تنص عليه مواثيق حقوق الإنسان لما أعطوا جزء من أراضي فلسطين لإسرائيل في عام 1948، وفي دليل عن ازدواجية المعايير هو الحرب الروسية الأوكرانية حيث كان للاجئ الأوكراني الأولوية على حساب اللاجئ السوري أو العراقي أو الفلسطيني، وقد وقعت دولنا وأنظمتنا العربية على حقوق الإنسان كنوع من البروتوكول وليس لتطبيقه”.
وأشارت إلى أنها “هناك أكثر من 30 آلف امرأة سورية داخل سجون حكومة دمشق، واستذكر إحدى المعتقلات تدعى تهاني أحمد الحميدي التي توفيت تحت التعذيب، وعندما يكون المعتقل رجلاً يحتفل بخروجه، ولكن في حال كان هناك امرأة فلا يبلغ عنها”.
وطالبت باستمرار هذه اللقاءات وتوحيد الجهود، مشددةً على الدور الكبير للإعلام الذي يعكس الواقع ولا سيما أحوال النساء اللواتي يعتبرن الحلقة الأضعف في أي وقت ومكان وزمان وتتعرضن للانتهاكات دوماً في أوقات السلم والحرب.
وكالة أنباء المرأة