بيان إلى الرأي العام
مع حلول الذكرى الثامنة المشؤومة لمجزرة سنجار/شنكال، نرى أن العقلية الذكورية تزداد استعاراً ووحشيةً تجاه النساء الحرائر، فلا تدّخر جهداً في سبيل استهدافهن والنيل من إرادتهن وسلب حرياتهن. فعلى رغم مرور ثمانية أعوامٍ على الإبادة الجماعية وإبادة النساء، التي ارتُكِبَت في سنجار بتاريخ 3 آب/أغسطس من العام 2014، إلا إن المسؤولين عن هذه الإبادة ما يزالون يصولون في الأرض فساداً ودماراً دون محاسبة أو مساءلة أو محاكمة. ومقصدنا من كلمة “المسؤولين” هنا، هو تنظيم داعش الإرهابي بصورة مباشرة، وكلّ مَن دعمه أو هيّأ له الأرضية لارتكاب هذه الإبادة.
ولأن هذه المحاسبة والمحاكمة لم تَجرِ حتى اليوم، بل وتدور المحاولات على قدم وساق لإنعاش داعش وأمثاله من التنظيمات المتطرفة ذات التوجه الإسلاموي السياسي، فإننا نغدو أمام كوارث حقيقية ناجمة عن العقلية الذكورية السلطوية بشتى أشكالها وتقمصاتها. فمِن أفغانستان إلى اليمن، ومن فلسطين إلى الصحراء الغربية، ومن العراق إلى سوريا واليمن وليبيا؛ يكاد لا يخلو بلد من بلداننا من ظواهر إبادة النساء، لاسيما الرياديات منهن.
ففي الفترة الأخيرة تحديداً، نتابع ازدياد وتيرة استهداف الرياديات الكرديات في شمال شرق سوريا بدرجةٍ غير مسبوقة، كالقيادية جيان تولهلدان ورفيقاتها، وعضوات قوى الأمن الداخلي؛ وكأنه يُراد الانتقامُ منهنّ لأنهنّ حاربن إرهاب داعش! والأمر سيّان بالنسبة للنساء الإيزيديات، اللواتي نفضن الغبار عن أنفسهنّ، واستخلصن العِبَر من كل الإبادات الجماعية التي مررن بها طيلة تاريخهن العريق، فنظّمن أنفسهنّ لأول مرة اعتماداً على قواهنّ وإمكاناتهنّالذاتية، فنجد أنه يُراد القضاء على كل منجزاتهنّ ومكتسباتهنّ، وكأنه يُقال لهنّ “لن نسمح لكُنّ بتذوق الحرية!”.
إننا نتحدث هنا عن سياسات وممارسات الدولة التركية الفاشية، ودعمها اللامحدود وغير المشروط لتنظيم داعش الإرهابي كونه أفضل ممثل لتيار الإسلام السياسي المتطرف الذي يُعَدّ أردوغان الأبَ الروحيّ له. ولذلك نجد هذَين الطرفَين لا يدّخران جهداً في النيل من إرادة النساء الحرائر أينما كنّ، في سنجار/شنكال أو في شمال شرق سوريا، في مصر أو تونس أو ليبيا أو العراق.
إننا، وباسم تحالف ندى، إذ ندين ونشجب بأشد العبارات الإبادة الجماعية وإبادة النساء بحق الشعب الإيزيدي والنساء الإيزيديات في شنكال، وإذ ندين ونشجب استهداف القياديات في شمال شرق سوريا؛ فإننا نرى أن قضية النساء الإيزيديات هي قضيتنا وقضية كل النساء المناضلات، ونرى أيضاً أن كل النساء اللواتي حاربن داعش، إنما حاربنَه نيابةً عنا وعن البشرية جمعاء، وأن كل ثورةٍ ملتفةٍ حول حرية النساء هي جزء من ميراثنا النضالي العريق الذي سنتوِّجه بالنصر لامحال.
وعليه؛ فإننا نطالب:
- المنظمات الدولية والحقوقية المعنية بالكفّ عن صمتها إزاء التهديدات والانتهاكات التركية، وبتحمّل مسؤولياتها وأداء مهامّها بمحاسبة ومساءلة المسؤولين عن إرهاب الإبادات الجماعية وإبادة النساء؛
- المنظمات الدولية، وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة ومحكمة لاهاي لجرائم الحرب الدولية، بالاعتراف رسمياً بالإبادة الجماعية وإبادة النساء في سنجار/شنكال، كونها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية؛ وبأن الدولة التركية دولة احتلال، وفرض حظر جوي عليها؛
- المؤسسات التي اعترفت رسمياً بالإبادة الجماعية في شنكال بأن تباشر على الفور بمحاكمة ومعاقبة المسؤولين عنها؛ وبمحاكمة ومعاقبة تركيا على استخدامها الأسلحة الكيماوية المحرّمة دولياً؛
- المنظمات والشبكات والحركات النسائية والنسوية بالتضامن معنا للعمل سويةً في سبيل تحقيق تحرير كل الإيزيديين والإيزيديات من قبضة داعش الإرهابي، ولدعم الثورة النسائية الوليدة في شمال شرق سوريا كونها تمثل شمعة الأمل وسط ظلام الفوضى العمياء التي يراد فرضها علينا.
التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (تحالف ندى)
3 آب/ أغسطس 2022